-A +A
الجوهرة بنت محمد العنقري
قبل أكثر من عام قدم المجمع الفقهي رأيه وفتواه بما يخص عمل المرأة وما يتعلق بالراتب تحديداً ولم تكن ردود الفعل كما هو المتوقع، وحاولت من هذا الموقع أن ألقي عليه الضوء كذلك من خلال برنامج على الهواء.. الإذاعي.. ورغم حدوث قضايا متعلقة بها إلا أن الفتوى لم تلق الصدى المطلوب والسبب في رأيي لأنها لم تأتِ على هوى بعض الرجال (الأكثرية) ممن يعتبرون راتب المرأة ملكاً لهم تماماً كما أنها أي المرأة ملك لهم أيضاً.. ولم يبذل الجهد الكافي في نشرها للتوعية والتوجيه أو التحذير من المخالفة والاعتداء على مال المرأة.. وجاءت الفتوى كمن لا شاف ولا سمع على عكس ما حدث عندما أعلن المجمع الفقهي رأيه بالنسبة لزواج المسيار قامت الدنيا في العالم الإسلامي ولم تقعد، تناولت أجهزة الإعلام المختلفة الفتوى.. في العديد من البرامج والحوارات الأرضية والفضائية وعلى صفحات الجرائد.. يعني.. الإناء نضح بما فيه.. وبعد الفتوى التي أباحته، وكأنها بذلك شجعته قد أكون متيقنة أن نسبة زواج المسيار سترتفع أو ارتفعت بالفعل.. بغض النظر عمّا ستؤول إليه حالات العديد من الأسر. والعديد من النساء اللاتي سيصدمن بوجود زوجة ثانية، بدون مبرر..!! هذا عندما يكتشفن -إن اكتشفن- هذا الزواج.. وكم من الأبناء ستجرح مشاعرهم ويخيب أملهم في القدوة.. الأب.. وإن نتج عن زواج المسيار ذرية.. فحدّث ولا حرج عن السلبيات في العلاقة بين الإخوة والأخوات.. إلى آخر ما هنالك من أمور مترتبة في حياة الأب أو بعد مماته.. لقد كان زواج المسيار في الماضي يحدث بسبب الخوف من جهة والشهامة من جهة أخرى.. خوف النساء الأرامل الوحيدات مع أطفالهن الصغار في زمن الخوف.. والجوع.. وكانت الشهامة التي تجعل من الرجل وسيلة للحماية بأن يعقد عليها ليتمكن من توفير ما يسد به رمق امرأة فقيرة.. يمنع المعتدي، بدخوله البيت في النهار.. ليعرف الطامع أن لهذا البيت رجلاً.. وأم الأولاد تعرف هذا.. لم يكن زواج المسيار بأهدافه السامية في الماضي مثل أهدافه اليوم.. مجرد رغبات.. تنتج عنها في النهاية جروح نازفة لزوجات وأولاد دمرت نفسياتهم لعدم وجود أسباب تجعلهم يفهمون الدوافع، يعني وكأنه ينقصنا رفع نسبة القضايا الأسرية التي بدأنا نراها تطفح على السطح.. وكأننا بحاجة لزيادة عدد الأسر المشتتة.. والقهر.. والغبن.. لقد أعطى الرجل الرخصة، والتشجيع لممارسة هذا النوع من الزواج، وكأنه يقول «خل بينك وبين النار أحد»..!! وعوضاً عن التشديد والتوجيه في الالتزام بالمحافظة على كيان الأسرة، والوفاء بالوعود وتحمل الآخر في الرخاء والشدة.. فُتح الباب الآن لهذا التعدد الممجوج «في رأيي»، فإذا كان للرجل أسباب واضحة ودوافع منطقية مقبولة مثل مرض الزوجة أو عدم قدرتها على الإنجاب فلماذا لا يكون زواجاً في النور.. كما شرعه الله تعالى.. زواج المسيار بدوافعه وأسبابه اليوم زواج في الظلام.. فيه من الظلم الشيء الكثير.. والظلم ظلمات يوم القيامة. وكم كنت أتمنى أن يعمل المجمع الفقهي الإسلامي جهده في دراسة وطرح قضايا تهدد المجتمع ونحتاج فيها لفتوى تواجهها.. مثل قضايا العنف الأسري، وإصدار فتوى تشرع العقوبة الرادعة لمرتكبي العنف.. مثل زنى المحارم بالإعدام أو بالسجن المؤبد لذلك الأب المرتكب لها والمصر عليها.. فإذا كان الزاني المحصن يرجم حتى الموت.. فكيف يجب أن يكون الحال في الزاني المحصن المحرم؟! كذلك الفتوى بنزع الولاية عنه في نفس نص الحكم بالسجن والجلد فارتكابه لهذه الجريمة البشعة ينفي عنه صفات الولي- الراعي الحامي.. إلخ، عندها لا تحتاج الضحية أن ترفع قضية أخرى لنزع الولاية قد تأخذ أشهراً بل سنوات للبت فيها.
أتمنى من المجمع الفقهي الإسلامي.. أن يعيد جدولة قائمة الأولويات في القضايا التي تواجه المجتمع الإسلامي وإصدار فتاوى تخفف من نسبة السلبيات حتى لا تأتي الفتاوى لتزيد في التوتر والقلق عند النساء والزوجات والأبناء لأن الحبل ترك على الغارب للرجال.. بضوء أخضر.